وجدتُ نفسي أسلك الطريق الخطأ.. كأنني أنتقم منهم عبر إيذاء نفسي

أعلمُ أنني أغرق في دوامة لا خروج منها.. كلما خطوتُ خطوةً للأمام أعود عشر خطواتٍ إلى الخلف. أنا تلك الفتاة التي أصرّت على كسر الممنوع وتخطي كل المحظورات، لكننها لم تنتبه أنها في طريقها نحو الثورة على الظلم، ظلمت نفسها. وجدتُ نفسي أسلك الطريق الخطأ.. كأنني أنتقم منهم عبر إيذاء نفسي.
أعترف أنني أعلم.. أعلم أنني أنتقم منهم عبر الانتقام من نفسي. وأنني بهذه الطريقة أصبحتُ الضحية مرتين.. مرة حين كانوا في أشد القسوة معي في طفولتي، ومرة حين قسوتُ على نفسي..
وجدتُ نفسي أسلك طريقاً وعراً خطراً.. طريقاً يخبرني جميع من حولي أنه خطأ.. لكنني لا أجده أخطر مما عشتُ في طفولتي.
وجدتُ نفسي أفضل الطريق الوعر على الطريق السليم، وأقيم علاقات بعقودٍ يُقال إنها في ديننا حلال. لم يكن يهمني إن كانت كذلك. كنتُ أحاول أن أثبت شيئاً لنفسي وللجميع. وكانت كل علاقاتي برجال يفوقونني 30 سنة من العمر على الأقل. كنتُ أرى الشباب الذين يوازونني في العمر أطفالاً، وأشعر بالاشمئزاز منهم. لم أجد يوماً سبباً لتصرفاتي، ولكنني لم أتمكن من ردع نفسي.
ذهبتُ إلى طبيبٍ نفسيٍ علّي أخرج من هذه الحلقة المفرغة.. فسألني عن طفولتي
فضحكتُ كثيراً.. طفولة؟ ما معنى طفولة؟ وبدأتُ أسرد له تفاصيل طفولتي.
منذ بلغتُ الثامنة من عمري ووالدتي تخبرني أنه من العيب أن ألعب مع صبيان، لأنه من المحرم أن تتلامس أيدينا. وتم الباسي جلباباً أسود دون ان يفهموني أبعاد أو عمق الأمور. كل ما قالته أمي، هو أن الجميع من حولنا هكذا، وان هذه تقاليدنا. إلى أن بلغتُ الثانية عشر من عمري، وبدأت أمي تُعيّرني بأن الشبان لا ينظرون إليّ، لأنني بشعة و”جامدة” ولا أضحك لأحد. وأن جميع بنات القرية يتزوجن في هذا السن. كان هناك تناقض غريبٌ في كل شيء، ما يدعون أنهم يؤمنون به وما يريدونه حقاً، ما يمنعونني عنه وما يطلبونه مني. لم أكن أفهم شيئاً. من الطبيعي ألا أفهم شيئاً. لقد كنتُ طفلة. كما أن كل ما كنتُ أتمناه أن أعيش طفولتي وألعب كباقي البنات.
تم اغتصابي في عمر الرابعة عشر، من قِبَل أستاذ في المدرسة. وتم ضربي لأنه تم اغتصابي. ثم تم ضربي لأنني اعترضتُ على ضربي، شارك الجميع في إهانتي، أمي أبي، عمي، خالي… الجميع دون استثناء. وما كان الحل برأيهم؟ إيقافي عن الدراسة، وحبسي في المنزل. حتى الدراسة حُرمتُ منها.
دخولي ميدان العمل
إلى أن ازداد وضع أهلي المادي سوءاً. وسمحوا لي بدخول ميدان العمل. في كل وظيفةٍ كنتُ أتولاها كان يتم التحرش بي. لا أدري لماذا.. لا بد أنهم رأوا ضعفي. لذلك علموا أنني لا أملك ما يكفي من الجرأة والقوة والثقة بالنفس كي اقول “لا”.
ودخلتُ في دوامة العلاقات.. مرة مع مدير شركة، ومرة مع نائب.. كأنني أحاول أن اوصل رسالةً إلى أمي كي أخبرها أن أهم الرجال يلاحقونني، وأنني لستُ غبية ولا بشعة ولا “جامدة”.
إلى أن أحبني أحدهم بجنون، رجلٌ عازب عاش طفولة مشابهة لطفولتي، عشتُ معه في منزلٍ واحدٍ لفترة طويلة. أحببته حقاً، كان عمره ستين سنة، وعمري حوالي 26. طلب الزواج مني، ورفضت. ستضحكون من ذلك.. لكنني فيما أسلك الطريق الخطأ بمنتهى الرضى والسهولة، أخاف من الزواج وأرفضه. ربما لأن أمي كانت تريد أن تفرضه عليّ قبل أن أهددها بالانتحار.
ربما أنني أعشق أن أقول لا، لكل ما له علاقة بالأعراف وبالتقاليد والمجتمع. وربما لأنني كنت أحلم أن أنال حريتي ذات يوم. وحين نلتُها استخدمتُها فقط لقول الكلمة التي لطالما منعوني عنها “لا”.
لا أبرر لنفسي، أنا لا أفهم نفسي أساساً. كأنني أشعر بلذة عندما أؤذي نفسي. أعشق الألم، هذا ما احترفته منذ طفولتي، الألم.. مع الأسف.. أنا لا أتقن سواه.
إذا أعجبكم مقال “وجدتُ نفسي أسلك الطريق الخطأ.. كأنني أنتقم منهم عبر إيذاء نفسي” لا تترددوا في النشر والتعليق.
للمزيد من المقالات المشابهة.. تابعونا على موقع الرجل والمرأة
وعلى صفحة الفيسبوك الرجل والمرأة