الرجل والمرأة

هل يكتفي الإنسان بطبيعته بشريك واحد؟

هل يكتفي الإنسان بطبيعته بشريك واحد؟ إنّ الزواج الأحادي ظاهرة نادرة في الطبيعة. ولا تهتم بعض الكائنات أبداً بالتناسل والحب، فهي تتكاثر بطريقة غير جنسيّة، وتفضّل الاستنساخ أو اللجوء إلى ما هو أبسط: الاكتفاء بانقسام خليّتها.

أقل من 10% من أكثر من 5000 نوع من الثدييات في العالم أحادي الزوج.

في الواقع، البشر هم من النوع المتعدد الزوجات.

وهذا يعني في عالم الحيوان أنّ الغوريللا الذكر يتزاوج مع أناث عدة.

وهذا يحصل عند البشر أيضاً! في المجتمعات التي تبيح تعدد الزوجات، يتزوّج الرجال نساء عدة. ويعود هذا بشكل أساسي إلى الثقافة والدين كما أنه منتشر في العالم كله. نجد تعدد الزوجات لدى قبائل السكان الأصليين في أميركا، وفي أفريقيا، ولدى المسلمين في الشرق الأوسط والأدنى ولدى جماعة المورمون في غرب ووسط الولايات المتحدة.

وبعد نظرة عامة على كافة الحضارات المعروفة والمدروسة في عالمنا، يظهر أنّ تعدد الزوجات منتشر ومقبول لدى ما يُقارب نصفها.

ثمة أشكال مختلفة لأحاديّة الزوج

لكن حتى أحادية الزوج ليست نفسها دوماً. فطيور النحام الأكبر أو الفلامينغو على سبيل المثال تجتمع مرة في العام من أجل رقصة التزاوج الخاصة جداً لديها. بعدئذ، تسود مجموعة الذكور بحركاتها الراقصة، على مدى أيام عدة. وتبقى الإناث في موقع المراقب المتيقّظ والنبيه.

وفي لحظة معيّنة، تسير الطيور من الذكور والإناث نحو بعضها ضمن مجموعة أو قطيع ويكون هناك ذكر لكل أنثى. لم يجد الباحثون بعد النموذج الأساسيّ. لكن ثمة أمر مؤكّد: هذا المشهد يتكرر في كل موسم تزاوج.

إذن، الحيوانات أحادية الزوج بالتتابع، أيّ في فترة محددة فقط من موسم التكاثر.

وعلاوة على أحاديّة الزوج الطبيعيّة، نجد في عالم الحيوان أحاديّة اجتماعيّة. ويتعلّق هذا بالأنواع التي تبقى مع شريك دائم لتربية نسلها. لكن الحيوانات تغشّ وتتزاوج مع أقرانها.

وفي هذا السياق، يمكن أن يُعزى خيار أحادية الزوج في حياة العديد من الأشخاص إلى حقيقة أنّ ظروف الحياة والتطوّر الثقافي شجّعا تحديداً على هذا النموذج.

محاولتان لتفسير أحاديّة الزوج

يمكن إعطاء تفسيرين ممكنين لأحاديّة الزوج. فهذا الحل يحمي النسل ويؤمّن بالتالي المزيد من الصغار لأنّ الشريك الدائم يدعم الأنثى في تربيتها: يمكن تقسيم المهام الواقعة على عاتق الوالدين كما يمكن حماية الصغار من الخطر بشكل أفضل.

إذن، إن كان عدد الأبناء الذين يبقون على قيد الحياة بسبب الشراكة الأحاديّة أكبر مما هو الحال من دون شريك دائم، فهذا يُقدّم ميزة تطوّريّة.

فالشريك الدائم الذي يمكن الوثوق به والتعويل عليه أفضل للذريّة من الشركاء الذين يتغيّرون بشكل مستمر.

في الطبيعة، غالباً ما يجري اختيار الأحاديّة لأنها تقدّم فوائد ومنافع لأحد الشريكين على الأقل. وتبدو المنفعة للوهلة الأولى أقل وضوحاً بالنسبة إلى الذكر إذ يمكنه أن يُنجب عدداً أكبر من الذريّة مع نساء عدة وأن يوسّع طاقم مورثاته. إنما إن كان عدد الذين يبقون على قيد الحياة أقل أو معدوماً، فستختفي المنفعة.

لكن الأجناس كلها لا تعتمد على عناية أفضل للخليّة الحاضنة.

وهنا تبرز النظريّة الثانية، وهي تشمل أسماك الفراشة الأحاديّة الزوج التي تُطلق البيوض المخصّبة بكل بساطة في الماء وتتركها لمصيرها. وهنا لا تنفع أحادية الزوج لتربية الصغار كحجة.

بدلاً من ذلك، يمكن أن نلاحظ مع هذه الحيوانات أنّ الأزواج أفضل ضمن ثنائيات لمواجهة المنافسة، أيّ أنهما يستطيعان أن يدافعا معاً عن مساحتهما وعن مصدر غذائهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى