كيف نعيش مع شخص متقلب المزاج؟ وكيف نتعامل معه؟

هل تعيشين مع شخصيّة حدّية أو متقلبة المزاج؟ كيف يمكنك أن تتعاملي مع التفاصيل اليومية بشكل أفضل وهل يمكننا أن نعالج هذا الاضطراب العقليّ؟ كيف نعيش مع شخص متقلب المزاج؟ وكيف نتعامل معه؟
إنّ الزوج (أو الزوجة) المتقلب المزاج عاجز بشكل خاص عن التعامل مع مشاعره أو يجد على الأقل صعوبة في ذلك. بالتالي، يفاجئك شريكك باستمرار بتقلّباته المزاجيّة. فهو في يوم مبتهج ومشرق، يعيش الحياة ويستمتع بها إلى أقصى حدّ ويتمتع برباطة الجأش. وفجأة، يبدو في اليوم التالي أو حتى بعد بضع ساعات، مكتئباً، غارقاً في أفكاره، مزاجيّاً، ويتحوّل إلى شخص سريع الغضب أو على العكس من ذلك ينتهي به الأمر إلى الاكتئاب.
يمكن أن يحدث هذا من دون سبب واضح وجليّ. إنّ مصدر قلق وتوتّر صغير كافٍ كي يتغيّر مزاجه بشكل جذريّ فيجد صعوبة في تجاوز الوضع وفي تهدئة انفعالاته. باختصار، تكون الأمور معه إما بيضاء وإما سوداء، وما من حلّ وسط، ومن هنا “شخصيّته الحديّة”.
إذن، تكون زوجة الشخص الحديّ المتطرّف في أفعاله أو حالاته المزاجيّة، في نظره، إما طيبة كلياً وإما سيئة كلياً. عندما يزعجه شيء ما أو وضع ما في داخله، يميل إلى لعب دور الضحيّة والتلاعب بالآخر.
ويتمكّن في غالبيّة الأحيان من أن يتجاوز الوضع ويتغلّب عليه عندما يستطيع أن يستعيد تركيزه. تحاولين في هذه الأثناء أن تهدّئيه وأن تُفهميه أنك لست ضده. لكن الصورة السيئة التي لديه عن نفسه تزيد من شعوره بالوحدة أو بالذنب وسيتقوقّع على نفسه كما اعتاد أن يفعل كلما ساورته الأفكار السلبيّة وطغت على تفكيره.
هل أصيب زوجك بنوبة غضب وتصرّف بعناد إما بإظهار التحفّظ والحذر وإما بالانطواء على ذاته؟
من الضروري أولاً أن تحاولي فهم ما يجري في عقله في هذه اللحظة. يبدو الشخص الحديّ بشكل عام مزاجياً أو سريع الغضب أو مكتئباً بعد حدث أو موقف زعزع استقراره وهدوءه الداخليين.
يخطر له في هذه اللحظة بالذات أنك لا تفهمينه، وأنك غير قادرة على مساعدته ليتجاوز المرحلة الحالية لأنه يعتقد عموماً أنه سيحتاج بالتأكيد للمساعدة كي يتمكّن من ذلك. وسيميل أيضاً إلى الاعتقاد بأنّ مشاعره، لاسيّما مشاعر الظلم والألم التي تساوره، لا تُحتمل وهي لا تنفكّ تقوى وتزداد حدّة. وبسبب أفكاره ومشاعره السلبيّة، يجد الشريك المتقلب المزاج صعوبة في التفاعل مع ما تقولينه له وفي تقدير جهودك واهتمامك.
لم تتمكّني بعد من فهم سلوكه ومن ايجاد التصرفات المناسبة التي ينبغي اعتمادها عندما يُصاب زوجك بنوبة غضب أو قلق أو اكتئاب بسبب أمر تافه؟ لكنك تحبينه رغم ذلك؟ لعله من غير السهل أن نضع أنفسنا مكان الآخر وأن نتغلّب بهدوء على لحظات الاضطراب. لكن ثمة حلّ يمكّنك من أن تتخطي الوضع وأن تحلي المشاكل مع التحلي بالصبر وهو يقضي باللجوء إلى العلاج النفسي. ويمكنك على خط موازٍ أن تستمري في التحاور مع شريك حياتك، من دون أن تحاولي لعب دور الطبيب النفسي. وذلك عبر مساعدته على أن يبذل كافة الجهود الممكنة كي يتحكّم بأفكاره وانفعالاته.
وبما أنه متطرّف، تكون الحياة اليوميّة مع الشخصيّة المتقلبة المزاج مزيجاً من لحظات النشوة ولحظات الفراغ، ولحظات الابتهاج ولحظات الدموع. بالتالي، يمكنك مثلاً أن تحاولي إضفاء المزيد من الإثارة والحيوية على حياتكما اليوميّة كي تساعدي شريكك على أن يقلل من لحظات الشك في نفسه والخوف والتساؤل. لكن الزوج صاحب الشخصيّة الحديّة يجب أن يتعلّم في الوقت نفسه أن يتحكّم بمشاعره لئلا يبحث بشكل آلي عن التعويض عن لحظات الفراغ لديه.
إذن، إن كانت مقارنة الأشخاص المصابين بهذا المرض مع البركان الثائر جائزة، فما رأيك في نشاط استرخاء لتهدئة الوضع كله؟ وبما أنّ اضطراب الشخصيّة الحديّ يؤثر في تناغم الثنائي وانسجامه وفي سلامكما الداخلي، فمن الضروري ألا تتقوقعا وتنعزلا عن بعضكما البعض وأن تتشاركا مشاكلكما كي تتمكّنا من تجاوز هذه اللحظات المربكة.