إلى أقرب كذبةٍ إلى قلبي.. لقد كان فراقنا أصدق ما في علاقتنا.. إلى اللالقاء

إلى أقرب كذبةٍ إلى قلبي، فراقنا كان أصدق ما في علاقتنا
لأول مرة أواجه شخصاً بما يدور في قلبي وفي بالي.. للمرة الأولى لم أتمكّن من السيطرة على ردة فعلي. ربما هذا ما كان يجب أن يحصل منذ البداية.
جلسَ أمامي يكذب كالعادة، ويحلف أكثر مما يتلفظ بجمل منطقية كالعادة، ويتخفى خلف ذاك الإيمان المزيف ويدّعي الصدق والنزاهة.. في الحقيقة لقد أبهرني.. كدتُ أصفق في نهاية مشهده التمثيلي.
لم أكن أصغي إلى كلماته، كنتُ فقط أنظر إلى عينيه وأبحث فيهما عن ذرة صدق.. لم أجد. حتى حين بكى، لم أتأثر.. لم يتمكّن من التلاعب بعواطفي هذه المرة.. للمرة الأولى لم أخدَع.. اكتشفتُ حينها أنني تخطّيتُه. تخطّيتُ تاريخ حبنا المزيف الذي كان مبنياً على تناقضات لا أدري كيف لم أكن أراها، كم قابل الصدق بكذباتٍ كنتُ دائماً أختلق لها تبريرات.
إستغلّ كل ذرة طيبةٍ داخلي، واسنخدمها ليبني لنفسه ملجاً لعقده النفسية الغريبة التي لم أفهمها يوماً. نعم تخطّيتُه، فلأول مرة لم أحزن، لأول مرة لم أغضب، لأول مرة لم أبكِ، كانت ردة فعلي شبه معدومة.. لم أكن أشعر، لم أكن أشعر بشيء. كنتُ فقط أبحث وأركّز على تفاصيل السناريو ونظراته وحركات جسده.. لقد كان يكذب منذ البداية، كم كنتُ غبيةً، كيف لم ألاحظ الأمر!
المواجهة
أنهى حديثه وأمسك بيدي وسألتني “أتظنين أنه من الممكن أن أقوم بهذه الأمور؟”. فسحبتُ يدي وأجبته بكل هدوء وبرود “لا أظن ذلك. أنا متأكدة”. هو نفس البرود الذي كان يواجهني به في كل مرة أحاول فيها أن أواسيه مع أنني لستُ الشخص المخطئ. شعرَ بالغضب فقد تَعِبَ في أداء المشهد، لأول مرة لم يتأثر الجماهير. فبكى أو بمعنى آخر ادّعى البكاء وسألَني “أنتِ تعرفينني، تعرفينني جيداً، كيف تصدقين هذا؟”. فأجبته بكل صدق “مشكلتي أنني لم أعرفكِ منذ البداية”. وحملتُ حقيبتي وانسحبت. لأول مرة أنا مَن أنهَت المشهد. ولأول مرة أنا مَن يتَخذ الخطوة الأخيرة. لأول مرة في حياتي تجرأتُ وفضلتُ ذاتي على شخصٍ آخر. في هذه اللحظة تحديداً تأكدتُ أنني تحررت.
كيف لشخصٍ أن ينظر في عينَيكَ ويكذب؟
مررتُ بتجارب لا تُحصى، وما زلتُ لا أفهم كيف لشخصٍ أن ينظر في عينَيكَ ويكذب؟ ما الذي يشعرون به؟ هل هناك لذة ما يكتسبونها عند خداع الآخرين؟ ما نوع المشاكل النفسية التي يعانون منها؟ أي علاقات تلكَ التي تُبنى على الكذب؟ كيف يعتقدون أنها ستستمر؟
والبكاء!! من أبن ينهمر هذا الكم من الدموع الخالية من الإحساس؟ كيف يبكون وهم يكذبون؟ هل يفكرون بأمر محزن لا يتعلّق بكلامهم فيبكون؟ أم أن هناك حاسة إضافية لدى المنافقين قادرة على إصدار الدموع دون سبب؟
ليتهم يدركون أن الكذبة ليست مجرد كلمات تُستخدم لموقفٍ ما ثم تُنسى.. ستُكشَف الحقائق ذات يوم.. وحينها سيودي بهم صدى صوت الثقة وهي تُكسَر في قلوب مَن أحبوهم.. سيودي بهم إلى غير رجعة.
كنتُ أعلم أنه يكذب أحياناً، كنتُ أنظر إليه وأبتسم وأنا أدركُ أنه يكذب، وأتغاضى عن الأمر، كنتُ أتجنب التفكير بهذا الأمر.
كان يكذب وكانت الثقة بيننا تتلاشى شيئاً فشيئاً مع كل كذبة، حتى انتهى مخزون الثقة لدي، كما مخزون احترامي له. لم يتبقَ شيء.
الكذب دليلٌ على أمرين، إما على استهتار بمشاعر الآخر واعتباره غبياً.. وإما على أن العلاقة من الأساس مبنية على الكذب والنفاق، وبالتالي فالعلاقة من أساسها مجرد كذبة.
على كلّ حال، لن أنكرّ أنّه كان ذات يوم أقرب كذبة إلى قلبي..
إلى أقرب كذبةٍ إلى قلبي، فراقنا كان أصدق ما في علاقتنا.. إلى اللالقاء
للمزيد من المقالات المشابهة.. تابعونا على موقع الرجل والمرأة
وعلى صفحة الفيسبوك الرجل والمرأة
.