أولئك الذين أحببناهم يوماً ما، أصبحوا اليوم غرباء

أولئك الذين أحببناهم يوماً ماً، أصبحوا غرباء، ومات قلبكم لوقت طويل. أنتم لا تعرفون كيف حدث ذلك، ولا متى تغير كل شيء. ومع ذلك، حاولتم جهدكم أن تحافظوا على هذه العلاقة وتعيدوا بناء شيء آخر مع ذلك الشخص، ولكن خطتكم باءت بالفشل.
كان الانفصال قاسياً ولم يكن هناك ذرة أمل في أن تعود الأمور كما كانت في السابق.
لقد أفسح الندم، البكاء، والغضب مكاناً لهذا الحب الكبير الذي شعرتم به تجاه بعضكما البعض. ولكن بين ليلة وضحاها، وجدتم روحكم جريحة، جسدكم مرهقاً، ولم يعد أي شيء ممكناً.
لم يعد للكلام مجال. لم تعد سطور الحب تُكتب بينكما، وحلّ مكانها شيء آخر. عندما لا نزال نحب أحدهم، يبقى لدينا ما نكتبه للأبد.
عندما تحبون أحدهم كما أحببتم هذا الشخص، وتتلقون حباً كبيراً منه، ثم يتلاشى كله كالغبار، قد تخنقكم المشاعر المؤلمة والمريرة.
الأمر أشبه بغبار النجوم الذي تركتموه، فحلّق نحو سماء أخرى.
تبقى الذكريات عالقة، وتلك البصمات التي لا تمحى لتجربة عشتموها سوياً تظل في داخلكم، في مكان حميم وغريب.
ولكن سينتهي عندها كل شيء، لأن بعض العلاقات عليها أن تنتهي وتبدأ أخرى.
قد تنسيان بعضكما البعض، تفقدان الاهتمام، أو تبقيان صديقين، ولكن الحب لن يجمعكما بعد الآن.
قد يجمعكما طفل أو اثنان، فتحاولان جاهدين أن تحافظا على زواجكما حتى يكبر الأطفال ويصبحون بغنى عن هذه العلاقة.
يصبح عندها هذا الشخص، الذي لطالما أحببتموه، شخصاً غريباً. لا يمكنكم قطّ محو هذا الحب لأنه سيظل موجوداً دائماً.
ولكن فور أن يموت الحب، عليكم أن تعيدوا إحياءه في مكان ووقت آخر، وإلا سيضيع للأبد.
مع هذا، انظروا إلى الطريق وكأنه سرير للذكريات حيث يمكن للحزن أن يعيد بناءكم، وللأحلام أن تشعل الحب من جديد في حياتكم لتفسح مجالاً لغد مع شخص آخر.
من المؤلم أن نشاهد من حضنّاه بكل قوتنا، ومن أحببنا من كل قلبنا بشكل مطلق، يتحول إلى غريب لم نعد نرغب بحمل حقائبه عنه، ولا بمشاركة الرحلات معه.
علاقتكما المحطمة تتحدث عن ذاتها. هي عبارة عن رسالة صامتة تعبّرون عنها في دفتر يومياتكم، أو تحفظونها سراً لا تعترفون به إلا لذاتكم.
هؤلاء الأشخاص، الذين أحببتموهم كثيراً، أصبحوا غرباء لأنكم لا تستطيعون أن تعيشوا وقلبكم في انتظار دائم، مفطور إلى قسمين.
القلب كامل وممتلئ، ولا يستطيع الصمود في الحب.
عندما يصبح الفراق واقعاً، عليكم تقبل فكرة الرحيل وعدم العودة من جديد. عليكم ألا تعودوا والدموع والندم في عينيكم.
لطالما تساءات كيف يمكن للمرء أن يتخذ قراراً كهذا بكل قوة وتصميم، أن يرحل في وقت يكون كل شيء موجوداً من حوله. ولكن في تلك اللحظة، لا يعود أي شيء موجوداً في داخلكم، تحل الصحراء العاطفية ويأتي الفراغ، الندم، التوبيخ، والنقص الذي لم تعودوا ترغبون به.
في هذه اللحظة، لقد رحلتم وهذه هي النهاية. تنفصل أيديكم عن بعضها البعض ويعود كل منكم إلى عالمه.
روحان غريبتان تتركان بعضهما البعض، روحان لطالما كانتا واقعتين في الحب.
في حكايتهما، لطالما كانتا تكتبان كلمة أحبك، والآن لا تكتبان سوى الصمت المطلق.
من المهم إذن أن تتقبلوا واقع الأمور، وألا تلوموا أنفسكم لأنكم لم تنجحوا في التمسك، وبالقيام بعمل أفضل. كفى شعوراً بالذنب، عليكم إفساح المجال لحقيقة ذاتكم.
اسمحوا للحب بأن يأتي حقاً، وقوموا بتقديره وعيشه، وتقبلوا فكرة أنه قد يغادر مثل قارب يترك وراءه بضع موجات من الحب، رائحة المداعبات، وانظروا إلى الأفق الذي ينتظركم من بعيد بعد أن يغادر.